من أروع ما قاله شعراء الغزل، وأخص بالذكر، شعراء الغزل العذري، الذين عانوا ولاقوا الويلات في حبّهم...
مجنون ليلى (قيس بن الملوّح بن مزاحم بن ربيعة العامري):
"أُعلِّل مِنكِ النّفسَ بالوعدِ والمنى *** فهل بيأسٍ منكِ ليلى أُعلّلُ ؟
أهيمُ بكم في كلّ يومٍ وليلةٍ *** جُنونًا وجسمي بالسّقام مُوكَّلُ"
" أبوسُ تُرابَ رجلِكِ يا لَوَيْلي *** ولولا ذاكَ لا أُدْعى مُصابا
وما بَوْسُ الترابِ لحُبِّ أرْضٍ *** ولكن حبُّ من وطئ الترابا"
"لليلى على قلبي من الحبِّ حاجزٌ *** مقيمٌ، ولكنّ الفراقَ عظيمُ
فواحدةٌ تبكي من الهجر والقِلى *** وأخرى لها شجوٌ بها وتهيمُ
ويُنهضني من حُبِّ ليلى نواهِضٌ *** لهنّ حريقٌ في الفؤاد مُقيمُ
إلى الله أشكو فَقْدَ ليلى كما شكا *** إلى الله فَقْدَ الوالدَيْنِ يتيمُ
يتيمٌ جفاهُ الأقربونَ فعَظْمُهُ *** ضعيفٌ وعهدُ الوالدَيْنِ قديمُ
وإنَّ زمانًا فرّقَ الهجرُ بيننا *** وبينكِ يا ليلى فذاكَ ذَميمُ"
جميل بثينة:
"إنّي لأحفظُ غَيْبَكُم ويسرّني *** إذ تذكُرين بصالحٍ أن تذكُري
ويكونُ يومٌ لا أرى لكِ مُرْسَلًا *** أو نلتقي فيه عليّ كأشهُرِ
يا ليتني ألقى المنيّةَ بغتةً *** إن كان يومُ لقائكم لم يُقْدَرِ
أو أستطيعُ تجلُّدًأ عن ذكرِكُم *** فيُفيقُ بعضُ صبابتي وتفكُّري
لو قد تُجنُّ كما أُجنُّ من الهوى *** لعَذَرْتَ أو لظلمتَ إنْ لم تعذُرِ
والله ما للقلب من علمٍ بها *** غيرُ الظنون وغير قول المُخبرِ
لا تحسبي أنّي هجرتُكِ طائعًا *** حَدَثٌ لعمرُكِ رائعٌ أن تهجُري
فَلْتَبْكِيَنَّ الباكياتُ وإن أَبُحْ *** يومًأ بسرِّكِ مُعْلِنًا لم أُعْذَرِ
يهواكِ ما عشتُ الفؤادُ فإنْ أمُتْ *** يتبعْ صَدايَ صداكِ بينَ الأقبُرِ
ما أنتِ والوعدِ الذي تعدينني *** إلّا كبرقِ سحابةٍ لم تُمطِرِ
قلبي نَصَحْتُ لهُ فرَدَّ نصيحتي *** فمتى هجرتيهِ فمنهُ تكثّري "
" وما زِلتُم يا بَثْنَ حتّى لو أنّني *** من الشَّوق أستبكي الحمامَ بكى ليا
إذا خَدِرَتْ رجلي وقيلَ شفاؤها *** دُعاءُ حبيبٍ كنتِ أنتِ دُعائيا
وما زادني النّأيُ المُفرِّقُ بعدكم *** سُلُوًّا ولا طولُ التلاقي تلاقيا
ولا زادني الواشون إلا صبابةً *** ولا كثرةُ الناهينَ إلا تمادِيا
ألم تعلمي يا عذبَةَ الرّيقِ أنني *** أَظلُّ إذا لم أَلقَ وجهَكِ صادِيا
لقد خِفْتُ أن ألقى المنيّةَ بغتةً *** وفي النفس حاجاتٌ إليكِ كما هيا"