الحب والحنان أهم أساسيات التربية السليمة
يمكن اعتبار الحب والعطف والحنان من المشاعر التي يحتاجها الإنسان دائماً مهما بلغ من العمر ومهما وصل إلى مراكز عالية ومرموقة, فالنفس البشرية لا يمكن أن تعيش حياة طبيعية وصحية دون أن تتغذى بمثل هذه المشاعر, التي تعزز من قوتها وتزرع فيها الثقة والاستقرار.
وإذا كان مثل هذا الأمر ينطبق على الأشخاص البالغين والمتقدمين بالعمر, فكيف يكون الحال مع الأطفال الصغار اللذين يحتاجون لمشاعر الحب والعطف والحنان من قبل من حولهم بنسبة مضاعفة عن غيرهم, وذلك ليشعروا بأنهم مازالوا موضع تقبل واهتمام من الآخرين, الأمر الذي يساعدهم للوصول إلى الاتزان الانفعالي تجاه مواقف الحياة المختلفة, فيقبل هؤلاء الأطفال على إنشاء علاقات اجتماعية بكل ثقة وقوة, ويكونوا أكثر قدرة على جذب انتباه الآخرين والتعامل معهم بيسر وسهولة.
ولكن عندما يفتقد الطفل لوجود المشاعر التي تغذي الإشباع العاطفي لديه, سيكون انطوائياً ولا يقوى على مواجهة المجتمع والعالم الخارجي, وذلك يعود لعدم منحه حقه من الحب والعطف والحنان, واستخدام أسلوب العقل والمنطق في تربيته وتعليمه.
وبناء على ذلك يترتب على الأهل أو على أي شخص مسئول عن الاهتمام بالأطفال وتربيتهم وتعليمهم, أن لا يتخذ منهج العقل أسلوباً للتعامل مع الطفل دون تزويده بالمشاعر الرقيقة التي تعبر عن الجانب الإنساني, لأن التربية المبنية على العقل والمنطق فقط ستكون معتمدة على مجموعة من القواعد الجافة الخالية من الحب والود والتعاطف, وسينتج عنها بكل تأكيد أطفال كثيرون يتمتعون بسوء التوافق, ويميلون للسرقة والهروب والمشاكسة والعدوان, ويعود السبب الأساسي لهذه التصرفات جفاف وفتور المعاملة مع الطفل وافتقاده إلى عاطفة الحب والحنان.
وإن الطفل الذي لا تشبع حاجته من الحب والحنان ستتأثر صحته النفسية بالسلب, ويشعر بأنه غير مرغوب فيه, وبالتالي يصبح سيئ الطباع مضرباً نفسياً ولا يثق بمن حوله وحتى أنه لا يثق بنفسه, وذلك على عكس حالة الطفل المدعوم بمشاعر الحب أثناء نموه وتربيته, فهو يكون منتظماً في حياته النفسية, ومستقراً في مشاعره الاجتماعية, فينمو شخصاً محباً للناس جميعاً على اختلاف عقائدهم وجنسياتهم.
وعلى الآباء، أن يعلموا بأنه لا خوف من إظهار العواطف للأطفال لأنه من المهم أن يعلم الطفل بأن الأشخاص من حوله يحبونه ويحتاجون لوجوده, وفي حال الاعتراض على سلوك معين اقترفه الطفل فيجب أن يكون هذا الاعتراض منصباً على السلوك وليس على شخصية الطفل, الأمر الذي يجعل الطفل مؤمناً بأنه محبوب من الجميع بالرغم من عدم الرضا عن سلوكياته وتصرفاته الخاطئة.